http://www.wahatona.com/story/طاولة-صدئة-قصة-قصيرة/
..قررت أن أنتحر
أخذت مكاني المفضل على شرفتي بين أشيائي الجميلة و بعض النبتات التي صمدت معي طيلة سنين العمر أمام التقلبات و رداءة الأحوال
وضعت جرعة النهاية على طاولتي الحديدية التي أكلها الصدأ من كل هوامشها وغير لونها وصفتها لتصبح شبه طاولة مستديرة واقفة على لا شيء.. ربما تستمر في وقوفها فقط لأجلي ما دمت متمسكاً بها و ببعض الأشياء الأخرى.. لم أحدد ساعة الموت.. و لا في أي وضع يجب أن أموت..لم أخبر أحداً أنني سأموت، و لم أودع أحداً قبل أن أموت، أخذت قراري و تركت الأمور تأتيني بمشيئتها
أشعلت آخر سيجارة محلية بقيت معي.. و ماذا إذا دخنت قبل الموت
لم أنتصر على التدخين ولو مرة في كل محاولاتي السابقة للابتعاد عن هذه النشوة الجامحة القاتلة ببطء.. خسارة من بين العديد من الخسارات التي رتبتها على رفوف عمري بدقة واتنظام.. قلبت صفحات جريدة أمس التي لم أقرأ منها إلا العناوين العريضة. أسهم البورصة بين صعود ونزول، ندوة ثقافية لفلان ابن فلان، العثور على أكبر عصابة تهرب المخدرات و أخرى تهرب أرواح البشر
لا جديد يشدني و يثير اهتمامي، عناوين ألفتها و اعتدت عليها
مددت يدي إلى فنجان القهوة الذي كان يحتوي مادة شفافة وبدون رائحة والتي ستضع حداً لهذه الحياة التي لم تصاحبني بصدق ولم أقبلها صديقة ولا حبيبة، لامست شفتاي الفنجان فأحسستهما ترتعشان.. كنت هادئاً قبل أن أحمل الموت إلى فمي و فجأة أجدني مرتبكاً.. يدوي في أذني صوت كالصراخ القادم من المدى البعيد.
أغمضت عيني كي أدخل في سواد أفكاري، و أستمر في مشوار النهاية.. لكن بصيصاً أبيضاً كان يتوسط ذلك السواد.. شيء يلمع وينطفئ.. يقترب و يبتعد.. يدور حول نفسه، يصعد و ينزل.. نور أخاذ شدني إليه فمددت يدي أبتغيه.. فتحت عيني على وقع الفنجان أرضاً، رأيت ذلك السيل الرقيق الشفاف يأخذ مجراه بين شقوق البلاط و كأنه يهرب مني
أغمضت عيني من جديد و كان البصيص هناك ينتظرني في رقصاته و تموجاته.. مددت يدي من جديد ترتعش وسط الظلام فانقشع النور فجأة وتطايرت نجيمات هنا و هناك.. لحظة قصيرة من جمال لم أعرفه من قبل.. أمل جاء من وسط العتم لينير لي طريق الحياة التي عزفت عنها وكنت سأهجرها دون رجعة
و كانت البداية أنني غيرت كل حياتي و جددت علاقاتي.. أصلحت بلاط شرفتي
و احتفظت بطاولتي الصدئة
مجلة الواحة – طاولة صدئة | آمنة عمر امغيميم*
الثلاثاء 2014-12-02 – 4:20:01 PM
الثلاثاء 2014-12-02 – 4:20:01 PM
Nessun commento:
Posta un commento