فنجان قهوة و سيجارة
لم يكن يوماً مثل أيامي المعتادة..
و لم تكن طاولتي في المقهى المعتاد ..
كان يوماً عنوانه : فنجان قهوةٍ و سيجارة.
كعادتي لم أنتبه لمن يجلس إلى حانبي و لا خلفي ، فكلّ همّي في ذلك الصباح البارد هو ارتشاف فنجان ” الكاپوتشينو ” الفاتر المعطر بنكهة الشوكولاتا المُرّة .
انتابني شعورٌ مفاجئ ضايقني و أعجبني في نفس الوقت .. فأنا أحبّ مشاكسة مشاعري و مراوغتها ..
تمرّ أمامي غيمةٌ رماديةٌ من دخانٍ ذو نكهة ناعمة .. فأغمض عينيَّ و أستنشقها
بكلّ هدوء ٍو متعة .. ثم أُتبعها جرعةَ الكاپوتشينو الساخنة .. يتوالى مرور الغيمات أمامي فتتحول المتعة إلى دورانٍ ارضي بطيء ، و عندها أُدرك أنني شاركتُ أحداً ما في استنزاف السيجارة ذات النكهة الناعمة ..
منعني إحساسي بالخجل من الالتفات خلفي لمعرفة مصدر هذا الدخان الممتع لكن الفضول كان أقوى و أشد .. أدير وجهي بكل هدوء و أناقة لأُصاب بصعقة
أنستني دوران الأرض البطيء و متعة النكهة الناعمة ..
رأيته ..
نعم .. رأيته هناك .. خلف طاولته المستديرة .. يغازل تلك السيجارة بين أنامله الطويلة و شفتيه الغليظتين
و بين لمسة و لمسة يرتشف من فنجان قهوته قطرات قليلة و كأنه يدخرها للزمن
كانت إلتفاتة سريعة .. رأيتُ فيها حلماً جميلاً حملني على بساطٍ من حرير لأجوب كل جنان العشق و الجمال ..
كانت نظرة خاطفة حركت كل سواكني و ذكرتني بصفحة من حياتي طويتها اعتقاداً مني أن وجودها كعدمه ..
عشقتُ تلك السيجارة و ذلك الفنجان ..
عشقتُ الطاولة المستديرة و الدخان
عشقتُ ذلك الطيف الذي مرّ من أمامي
دون أدنى اهتمام ..
"آمنة عمر امغيميم"
Nessun commento:
Posta un commento