عبير الخزامى
____________
كل ما في تلك الصورة الباهتة
يذكرني بيوم
يعج فيه بيتنا القديم
بالضيوف
فأكون كأي صبي
هناك في الخلف
أراقب كل الحركات
و أشتهي كل اللحظات
أمي لا تعيرني اهتماماً
و عرقها المتصبب على وجنتيها
الورديتين
من حر الأجواء في بيتنا
يلمع في عيني
و يزيدها جمالاً و بهاءً
الصخب يتعالى في كل الأركان
ضحكات خشنة
و كلمات متشابكة لا أفهمها
ألأنني طفل يتيم التجارب
أم لأنني طفل لا يحب
الصخب
أسترق نظرات خجولة
من وراء الستارات
وجوه تتعاقب عليها كل
الحالات النفسية
في آن واحد
نساء هنا
و رجال هناك
دخان رمادي باهت
ممزوج بطيب الخزامى
التي تدفنها أمي
في كل الوسادات
تحت الشراشف
و خلف الكنبات
و عطر أمي الذي يرافقني
حتى في أحلام الظهيرة
الأجواء تسرق مني أمي
أعد خطواتها السريعة
و يخونني الحساب
أفكر في الاقتراب منها
في جر ذيول عباءاتها المتطايرة
في إمساك يدها
لكنها لن تعيرني اهتماماً
فاليوم لست مركز كونها
اليوم أنا غريب الديار
تسكن حركاتي في ركن
من أركان البهو المتلألئ
بأزهار الياسمين
أتمدد على ظهري
و أستحضر صورة أمي
في السقف المتشقق
كما تشققت شفتاها الرقيقتان
ابتسم لوجهها السموح الهادئ
تهدهدني أفكاري البريئة
و رائحة الطعام التي
أفسدت عطر الخزامى و الياسمين
يعم صمت مبهم
و تحيا فيَ أحاسيس كل الروائح المعتادة
أفتح عيني المثقلتين بنعاس طفولي
على صوت أمي العذب
و في يدها صحن من بقايا
عرقها المتصبب
آمنة عمر امغيميم
Nessun commento:
Posta un commento